أحكام
حان الوقت لمراجعة قطاع النفط والغاز في لبنان بالاستناد إلى استراتيجية معينة

تم نشر هذا المقال في نشرة لوغي الاخبارية لشهر تموز/ يوليو بالشراكة مع منظمة كلنا إرادة

 

شكل شبه الجمود الذي تشهده مشاريع تطوير النفط والغاز العالمية الجديدة والذي فرضته التداعيات الاقتصادية لكوفيد-19 فرصة للبنان لإجراء مراجعة استراتيجية لقطاع النفط والغاز الذي شهد أداءً ضعيفًا في خلال العام الماضي لعدد من الأسباب جاء بعضها نتيجة للتأثير الكارثي للوباء العالمي على أسواق الهيدروكربونات العالمية، وهي أسباب تصعب معالجتها. أما الجزء الآخر من الأسباب فنتج عن قضايا الحوكمة واتباع نهج شفاف متجانس في القطاع، وهي أسباب يجب العمل عليها.

يرى كل من لوغي وكلنا إرادة أنه يجب إقامة تحليل شامل ومتعدد الجوانب للإطار القانوني ولهياكل الحوكمة في القطاع وللعوامل المؤثرة الخارجية. لبنان بحاجة إلى تقييم السجل التاريخي للماضي وتحليل ما قد يحمله المستقبل، وذلك من أجل وضع استراتيجية واضحة لإدارة هذا القطاع في وقت تمر فيه البلاد بأزمة عميقة.

في حديث مع لوغي، قال النائب السابق غسان مخيبر، وهو أحد دعاة الشفافية: "السؤال هو: كيف نحمي أنشطة البالغة الأهمية من دولة فاشلة،" ليستطرد: "من خلال تحسين إدارة الجودة عن طريق فقاعات الجودة والنزاهة، ويتم ذلك إلى حد كبير عبر تشريع القوانين وتحسين النصوص."

في ما يلي ثلاث طرق رئيسة للتقييم والتخطيط

1. الإطار القانوني: ما هي التشريعات التي يجب اعتمادها أو تعديلها أو تنفيذها؟

2. الحوكمة: أين نجحت السلطة التنفيذية - بما في ذلك هيئة إدارة قطاع البترول - وأين فشلت في إدارتها للقطاع؟

3. التطورات الخارجية: كيف تؤثر جائحة كورونا والمنافسة على الغاز في شرق المتوسط ​​والطاقة المتجددة على خطط النفط والغاز في لبنان؟

حدد كل من لوغي وكلنا إرادة عددًا من القضايا / التوصيات لكل من هذه الفئات.

 

الإطار القانوني

إن إحدى القضايا الرئيسة التي تعوق إشراف المجتمع المدني على قطاع النفط والغاز في لبنان ومساهمته فيه تتمثل في عدم قدرة المجتمع المدني على المشاركة بنشاط في تطوير القوانين والمراسيم ذات الصلة ومراجعتها قبل تمريرها إما من قبل البرلمان أو مجلس الوزراء. ويمكن معالجة هذه القضايا من خلال مصادقة البرلمان على قانون الاستشارات العامة الذي يجعل من واجب البرلمان و / أو الحكومة استشارة الجمهور بشأن القضايا الرئيسة. بالإضافة إلى ذلك، على البرلمان تعديل المادة 34 من نظامه الداخلي لرفع السرية عن اجتماعات اللجان كافة.

اعتمد لبنان عدداً من القوانين التي يجب أن تعزز الشفافية في قطاع النفط والغاز، إلا أن هناك عددًا من المواد الذي لم يطبق بعد. وتشمل هذه المواد قضايا أساسية مثل الإعلان ​​عن عدد العاملين في القطاع ومعايير العمالة، وقضية عدم الوصول إلى المراجعات الفصلية للقطاع التي يجب أن ترسلها هيئة إدارة قطاع البترول اللبنانية إلى البرلمان.

إضافة إلى ذلك، لم تشكل الحكومة بعد الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، وهي هيئة رقابية رئيسة مكلفة بإنفاذ عدد من قوانين مكافحة الفساد، بما في ذلك قانون بشأن الحق في الوصول إلى المعلومات.

ويجب أن تعزز الأحكام القانونية دور السلطة التنظيمية الرئيسة للقطاع، أي هيئة إدارة قطاع البترول، التي قامت بدور استشاري بدلاً من دور رائد ومستقل، وهي خطوة مهمة بشكل خاص بالنظر إلى الأزمة غير المسبوقة التي تعصف بالبلد.

كما أن مجلس الوزراء لم يضف بعد إلى جدول أعماله المصادقة على السجل البترولي، الذي سيفرض الإفصاح عن المالك المنتفع من جميع الشركات العاملة في قطاع النفط والغاز، على النحو المنصوص عليه في المادة 10.7 من القانون 84/208 "تعزيز الشفافية في قطاع البترول".

 

الحوكمة

لمعالجة قضايا الحوكمة في قطاع النفط والغاز في لبنان، على لبنان أن يطور أولاً استراتيجية للنفط والغاز يعمل بموجبها. لكن حتى اليوم، ما من استراتيجية من هذا النوع في البلد.

إن إدارة دولة فاشلة لقطاع النفط والغاز يؤدي حتمًا إلى نتائج كارثية. قبل الشروع في تطوير هذا القطاع بشكل صحيح، لبنان بحاجة أولاً إلى مؤسسات وإجراءات حكومية قوية، ومن ثم استراتيجية واضحة. أما إدارة السلطات السيئة للأزمة التي تعصف بالبلد فتظهر أن نظام السلطة الحالي يتجاهل مصالح الشعب اللبناني ويعمل على إدامة حكمه.

في حديث مع لوغي، قالت كارول نخلة، الخبيرة في اقتصاد الطاقة والمديرة التنفيذية لشركة كريستال إنرجي: "يفتقر لبنان إلى سياسة حديثة وشاملة للنفط والغاز، ناهيك عن سياسة طاقة يجب أن تتماشى مع الأهداف الاقتصادية الأوسع للبلد – ولا أعلم إن كانت هذه الأخيرة واضحة المعالم".

إذا تمعّنا بالطريقة التي يُحكم بها القطاع اليوم نجد أن وزارة الطاقة تتخذ القرارات بموافقة مجلس الوزراء، في حين لا تضطلع السلطة التنظيمية الرئيسة للقطاع، أي هيئة إدارة قطاع البترول، سوى بدور استشاري. من هنا، يجب تعزيز دور هيئة إدارة قطاع البترول والحد من دور وزارة الطاقة.

"التحدي الأبرز يكمن في إعطاء هيئة إدارة قطاع البترول سلطة أوسع، علمًا أنها كانت تعمل من الناحية الفنية بطريقة مستقلة عن الحكومة، إلا أن دورها محدود دائمًا بحاجتها إلى أن يتم التصديق على القرارات من قبل وزير أو مجلس الوزراء".

أيضاً، يتم تعيين أعضاء هيئة إدارة قطاع البترول على قاعدة طائفية بدلا من الاعتماد كليا على آلية واضحة وشفافة تستند إلى الجدارة. كما أنها تعمل في ظل وضع انتقالي رمادي من الناحية القانونية بسبب انتهاء ولايتها في عام 2018.

 

كوفيد-19، الجغرافيا السياسية والطاقة المتجددة

يجب تقييم قطاع النفط والغاز في لبنان في سياق العديد من العوامل الإقليمية والعالمية الرئيسة، وأهمها آثار جائحة فيروس كورونا، والمنافسة العالية بين الدول المستكشفة للغاز في شرق المتوسط ، وصعود الطاقة المتجددة.

وقد خفضت شركات النفط والغاز الدولية إنفاقها الرأسمالي بشكل كبير، ما أدى إلى انخفاض في استكشاف النفط والغاز. دفع ذلك بدوره وزارة الطاقة إلى تأجيل جولة التراخيص البحرية الثانية للبنان حتى نهاية عام 2021.

في هذا الإطار، قالت نخلة: "لا يحتل لبنان مرتبة جيدة من منظور استثماري، كما أن الغموض الاقتصادي والسياسي الذي يعصف بالبلاد قد زاد من تدهور التوقعات". "سيواجه لبنان منافسة شديدة على رأس المال الدولي، الذي سيكون أكثر حذراً وانتقائية وانضباطًا".

تُرك لبنان إلى حد كبير خارج تحالفات ومنتديات النفط والغاز التي تم تشكيلها في شرق المتوسط. وهذا يؤدي إلى حالة من الشك بشأن قدرة لبنان على تصدير الغاز أو المتاجرة به في المستقبل – في حال تم العثور عليه. على السلطات أن توضح الخيارات الموجودة أمام البلد.

وأخيرًا، يعد الصعود العالمي للطاقة المتجددة بتآكل جزء أكبر فأكبر من سوق الطاقة الدولية الذي كان منصبًا على الهيدروكربونات منذ فترة طويلة. لقد تعهد لبنان نفسه بتحقيق 30٪ من الطاقة المتجددة بحلول عام 2030 - وهو هدف لا يزال بعيد المنال.

دعا الخبراء لبنان إلى استخدام مزيج من الطاقة بدلاً من الاعتماد على الهيدروكربونات وحدها. في هذا الإطار، على السلطات أن توضح كيف تأخذ سياسة النفط والغاز في لبنان الطاقة المتجددة في عين الاعتبار.

أضف تعليق